BLOGGER TEMPLATES - TWITTER BACKGROUNDS ?

الخميس، 20 مايو 2010

مواجهة


ألقى "هاني" بالقلم بعد أن فقد الأمل في أن يكمل ما بدأ .. كان يشعر بإزدحام الأفكار في رأسه لكنه غير قادر على تحويلها إلى كلمات .. إستطاع أن يصل إلى منتصف الرواية و لديه الأفكار حتى النهاية و لكن يأبى قلمه أن يطاوعه .. أو ربما بطله .

نظر "هاني" بيأس إلى ما كتبه و بدأ يحدث بطله ... "باثيو .. بات .. أنت تعرف أنني من صنعتك و انني لا أبغي الشهرة لي فقط بل ستكون شريكي في هذه الشهرة .. لا بل سيكون لك النصيب الأكبر منها .. أرجوك تجاوب معي .. فأنا أحبك رغم كل شيء .. فأنت كإبن لي"

كان يتحدث و هو ينظر إلى سطور روايته الغير مكتملة عندما فوجيء بهذا الصوت .. "كاذب" .. نظر "هاني" بذهول تجاه الصوت ليجده أمامه .. إنه هو ببنيته التي تشبه بنية الملاكمين و شعره الأشقر المنسدل عند طرفي حاجبيه .. عينيه الزرقاوين و بشرته البيضاء .. ثيابه العصرية .. إنه هو .. محارب الفايكنج في تياب أمريكية عصرية .. كما توقعه تماماً .. او دهنا نقول كما صنعه تماماً .

لم يستطع "هاني" تصديق عيناه .. هل هو في حلم أم أنه يهذي ؟! .. إنه يتخيل أشياء بالتأكيد .. و كأن "باثيو" يقرأ أفكاره .. "لا تتعجب يا صديقي" .. و بضحكة ساخرة قال .. "أم أقول أبي؟!"

ظل "هاني" في صمته غير مصدقاً لما يحدث أمام عينيه و إستمر "باثيو" في الحديث ... "حسناً .. أعتقد أنك مصدوماً .. و لكني أردت أن أحدثك وجهاً لوجه بدلاً من أن تحدث نفسك هكذا" .. نطق "هاني" أخيراً رغم أنه لازال مذهولاً .. "أنت باثيو .. أليس كذلك؟!" ... إنفجر "باثيو" ضاحكاً و قال .. "بل أدعني "بات" يا صديقي .. "

بدأ "هاني" يتجاوب مع الموقف رغم ذهوله الشديد .. "كيف خرجت من الورق ؟!" .. نظر "بات" في عيني "هاني" و قال .. "و لما لا تقول كيف خرجت من ذهنك ؟" .. حاول "هاني" مجاراته رغم شعوره أنه قد جن اخيراً و لكنه أكمل حديثه معه بهدوء .. "حسناً .. و كيف خرجت من ذهني ؟" .. استدار "بات" بعيداً عن "هاني" و قال بتنهيدة .. "لا أدري .. ربما أخرجتني أنت .. و لكن ليس هذا بالشيء المهم " .. رد "هاني" بتوتر .. "و ماذا إذاَ مهماً ؟" .. عاد "بات" مرة ثانية لينظر في عيني "هاني" مباشرةً و قال بزهو .. "المهم أنني حراً الآن .. سأتصرف كما أشاء و لن ترغمني على شيء .. لن ترغمني على تسلق جبال روكي أو التزلج على الماء في الأعاصير أو القفز من أعلى شلالات نياجرا .. و الأهم لن ترغمني على عبور المنطقة المحرمة بعد منتصف الليل .. لن ترغمني على ركوب قطار الأشباح .. لن أذهب لليابان لمقابلة التنانين .. و لن أواجه القتلة المتسلسلين .. لن أفعل شيئاً من هذه الأمور الشنيعة .. لقد تحررت منك و إلى الأبد أيها المجنون "

قام هاني من كرسيه و إستند بيديه على مكتبه و صرخ بحنق متناسياً ذهوله .. "جبان" .. ببرود تام جلس "بات" على أحد الكرسيين أمام المكتب ووضع قدماه على الكرسي الآخر بحيث تكون إحداهما على الأخرى و قام بتشبيك أصابع يديه ووضعهما على صدره مثبتاً نظره على لوحة معلقة على الحائط و قال .. "حسناً .. أنا جبان .. ربما .. و لكن ماذا تكون أنت ؟" عاد "بات" بنظره إلى "هاني" و إستأنف حديثه .. "أخبر أي شخص عن ما يدور بذهنك و لن تجده أمامك خلال ثلاث ثوان .. فلا أحد يأتمن على حياته في وجود شخص مريض مثلك .. إسألني أنا على ما يدور بذهنك .. فلقد عشت أبشع أيام حياتي بداخلها .. لا يوجد هناك إلا سلخ جلود البشر و تقطيع أوصالهم .. شوي الأطفال أو أكلهم أحياء .. مص دماء العذارى و قطع رؤوس الرجال .. كنت تريدني أنا أن أواجه كل ذلك .. أن أقضي على وحوشك و مسوخك .. أن أواجه سفاحيك و أحرق ساحراتك .. لماذا أردتني أن أكون المنقذ الوحيد ؟ .. لماذا جعلتني أحمل هموم إنقاذ الجميع ؟ .. و لكن كل هذا إنتهى .. فأنا حر الآن"

جلس "هاني" مرة أخرى على كرسيه محاولاً أن يهدأ من روعه .. " حسناً .. أنا أتفهم موقفك .. و لكن .. لقد غاب عنك أمراً في غاية الأهمية .. ألا تريد أن تكون بطلاً .. و أيضاً أن تكون متأكداً أنه لن يصيبك سوء مهما مررت بأصعب المواقف و أبشع الأشياء ؟ ألا يكفيك كل الشهرة التي ستنالها ؟ ألا يكفيك كل هذا ؟ "

قام "بات" من كرسيه و أعطى ظهره لـ "هاني" و بدأ يسير في إتجاه باب الغرفة .. "لن تستطيع إغوائي بتلك الأشياء فأنا أفضل أن أعيش حياة طبيعية كنكرة على أن أعيش حياة الملوك و أن أكون الأشهر في التاريخ كقاتل الوحوش و مطرداً للأشباح .. آسف يا صديقي و لكنني قررت الرحيل " .. كان قد وصل إلى باب الغرفة و فتحه و أثناء دلوفه خارجه نظر لـ "هاني" بشماتة و قال .. "إلى اللقاء يا صديقي .. أو وداعاً أبي "

حاول "هاني" أن يلحق به و يمنعه لكنه تعسر في السجادة و سقط على وجهه و بينما هو ملقي على السجادة واتته فكرة .. بدأ يصرخ و بسمة شيطانية على وجهه محاولاً أن يُسمع "بات" كلماته .. " لقد وجدتها أيها المتحذلق .. إنك ملكي و لن تستطيع الفرار .. سترى ماذا سأفعل بك .. سترى ماذا سأفعل بك"

0 التعليقات: