BLOGGER TEMPLATES - TWITTER BACKGROUNDS ?

السبت، 25 أكتوبر 2008

عمر و ماري





عمر و ماري

كان شاباً مكافحاً كجميع شباب مصر، و كان رغم حصوله على مؤهل عالي إلا إنه يعمل كبائع تحف فرعونية في بزار بإحدي القرى السياحية بالغردقة . رغم عدم تناسب وظيفته مع مؤهله إلا إنه لم يفكر يوماً في تركها فهو يحصل من خلاله على ما يكفيه بل و أفضل كثيراً من كثير من أصدقائه الذين يعملون في المصالح الحكومية.

كان عمر شاب أسمر بملامح مصرية أصيلة ، عيناه السوداوين و شعره الأسود الفاحم الكثيف , عندما تراه تعرف سريعاً أنه مصري , كان له جسم ملاكم من ملاكمي الوزن الخفيف و ملابسه بسيطة عادية لا تختلف كثيراً عن ملابس شباب هذه الأيام ؛ فقد كان رغم قلة ذات اليد مهتماً بمظهره و ملابسه.

بدء عمر العمل في هذا البزار منذ تخرجه ؛فقد كان له صديق من أبناء الغردقة و هو من ساعده في العمل بهذه القرية السياحية ،و لكن صديقه ترك العمل في هذه القرية بعد ذلك بشهور بعد أن تزوج من تلك السيدة السويدية التي كانت تكبره بعشرون عاماً و سافر معها ، و منذ ذلك الحين لم يعرف عنه شيئاً حتى أن صديقه لم يرسل خطاباً واحداً لأهله منذ سفره.

كانت حياة عمر بسيطة فهو يعمل بالبزار من الساعة التاسعة صباحاً و حتى التاسعة مساءً و يأخذ ساعتين راحة من الواحدة حتى الثالثة ظهراً و كان معه شخص آخر يعمل معه بالبزار في تلك الفترة ، و صارا بمرور الوقت صديقين حميمين؛ فقد كان علاء شاباً طيب القلبو كان يكبر عمر بخمس سنوات و رغم ذلك لم يكن متزوجاً رغم أنه يعمل منذ فترة طويلة بالقرية .

كان البزار يفتح طوال اليوم ؛ هناك شابان آخران يعملان ليلاً ، كانت القرية توفر لعمال البزار غرفة بسريرين و دولابين و طاولة و كذلك تلفاز بالإضافة إلى حمام جيد لعمال البزار، وكانت هذه الغرفة للأربع شبان ؛ يستخدمها عمر و علاء ليلاً و حسن و عثمان نهاراً. كان عمر يعرف حسن و عثمان قليلاً ؛ فقد كان يلتقي بهما في البزار أثناء تبادل الورديات فقط.

عندما ينتهي عمر من عمله كان يتوجه أولاً إلى أقرب مقهى إنترنت ليتحدث قليلاً مع أهله حيث أنه لا يراهم إلا كل كل تسعة أشهر ؛ فقد كان يعمل طوال تسعة أشهر و بدون إجازات ثم يحصل على إجازة ثلاث شهور و هي شهور الإجازة الصيفية ؛ حيث يستطيع صاحب القرية العثور على عمالة أقل سعراً خلال تلك الفترة من شباب الجامعات ، و كان عمر لا يحصل بالطبع على أي مرتب خلال تلك الفترة.

بعد عودة عمر من المقهى يبدأ بتحضير العشاء مع علاء ثم يبدأ كلاهما الحديث عن أي شيء و كل شيء ، لذى كان عمر و علاء صديقين يعرف كلاً منهما الآخر جيداً، كانا يتبادلان الزيارات في الإجازة رغم أنهما من محافظتين مختلفتين فقد كان عمر من الصعيد تحديداً من المنيا أما علاء فقد كان من كفر الشيخ ، و سريعاً ما إعتبرت أسرة كلاً منهما الآخر إبناً لها.

تعلم عمر الكثير من اللغات بسبب عمله في هذه القرية و كذلك تعرف على كثير من السائحين و صار بعضهم أصدقاء له ؛ و لقد كان هناك بعض الأسر التي تأتي إلى مصر بإنتظام و دائماً ما تقضي أجازتها في هذه القرية و كانوا حريصون على أخذ التذكارات و الهدايا في كل مرة ، لذى صار يعرفهم و يعرفوه و كانوا يحيوه و يحييهم إذا مروا عليه في البزار أو مر عليهم هو ، كان بعضهم يدعوه إلى الجلوس إذا كان في غير وقت العمل و بعضهم كان يدعوه لتناول الإفطار معهم.

كانت أسرة السيد فوللر من الأسر التي تأتي بإنتظام إلى مصر لتقضي الشتاء في هذه القرية و كانت السيدة فوللر عاشقة للغردقة و كذا كانت ابنتها ماري ، ولقد كانت علاقة علاء بهذه الأسرة وطيدة فكان يعرفهم من قبل مجيء عمر ، و كانوا معتادون على المرور على البزار في أول يوم لهم في القرية لكي يسلموا على علاء .

كان السيد فوللر رجل متوسط العمر في الأربعينات تقريبا و كان مثل كل الألمان يمتاز بالطول الفارع و له تلك الملامح الباردة للألمان و كانت زوجته السيدة فوللر في الثلاثينات من عمرها لكنك إذا رأيتها لا تعطيها أكثر من السبعة و عشرون عاماً ، كانت ماري طفلتهما الوحيدة كانت في لخامسة عشر من عمرها تقريباً ، كانت ماري فتاة ألمانية حقاً ، كل شيء فيها يقول أنها ألمانية ، شعرها الأصفر اللامع الغير ناعم رغم جماله و بياض الثلج الذي غطى جلدها و تلك البقعة الحمراء الكبيرة على خديها و هاتين العينين الزرقاوين الباردتين و بالطبع الطول الفارع ككل الألمان عدا هتلر. رغم أنهم ألمان إلا أنهم ودودين جداً و محبين للمصريين جداً ، هذا ما كان واضحاً على الأبوين لكن الفتاة كانت عيناها مليئة بالبرود تجاهنا.

كان السيد فوللر و السيدة فوللر معتادان على الإستيقاظ بكراً لممارسة رياضة الجري و كذا كانت ماري ، لذى كانوا يستيقظون في السادسة صباحاً لكي يركضون لنصف ساعة على الشاطيء ثم يعودون ليأخذوا حماماً ساخناً ثم يعودون إلى الشاطيء لتناول وجبة الإفطار على البحر في السابعة و النصف . كان السيد فوللر مغرم بالبحر رغم خوفه من الماء لذى كان يقضى معظم اليوم سيراً على الرمال بمحاذاة الماء أو مدفناً في الرمال ليحصل على حماماً شمسياً ممتعاً أو جالساً يقرأ، أما زوجته السيدة فوللر فكانت تحب الماء كثيراً و كانت مغامرة لذى كانت تقضي يومها في الغطس و التزلج على الماء و لا يمنع قضاء بعض الوقت هنا أو هناك مع علاء دون أن يشعر أحداً ، أما ماري فكانت تقضي بعض الوقت مع أبيها و بعض الوقت مع أمها و بعض الوقت ترسم ، أما متعتها الحقيقية هي التجول في شوارع الغردقة و التعرف على شوارعها فقد كانت تملك روح المستكشفين و كانت تحب الإستكشاف و كان حلمها الأكبر هو أن يسمح لها والدها أن تقوم برحلة سافاري لكن لطالما رفض أبيها مدعياً أنها لازلت صغيرة و حينما تطلب منه أن يأتي معها و رغم تحمس السيدة فوللر للفكرة إلا إنه كان يرفض أيضاً ؛ فقد كان السيد فوللر شديد الخوف من المجهول لذى كان يخشى البحر و الصحراء.

كان عمر محباً لقضاء ساعتي الراحة خارج القرية وحده لأن علاء كان يفضل قضائهما مع إحدى الحسناوات ليحصل على غداءً شهياً مجانياً و كذلك وقتاً ممتعاً، نعم لقد كان علاء طيب القلب لكنه أيضاً محباً للنساء و الفرنسيات خصوصاً . و كان عمر معتاد أن يقضي هذه الراحة في بيت صديقه محمد منذ أن أحضره إلى الغردقة و عرفه على والديه و صار فرداً من الأسرة فقد كان محمد وحيد والديه و بعد سفر محمد لم يع للوالدين إلا عمر الذي صار ابناً لهما فكان مسئولاً عنهما من الناحية الإنسانية فهما لا يحتاجان إلى المال ؛ فالحاج علي كان وكيل وزارة قبل خروجه للمعاش و كانت الحاجة زينب مديرة مدرسة ثم تقاعدت عن العمل لترعى الحاج على لإصابته بالشلل و كان لهما بناية تدر عليهما دخلاً جيداً ، و منذ رحيل محمد أصبح عمر هو ابنهما الوحيد الذي يعتني بهما و يحرص دائماً على تناول الغداء معهما.

كان علاء معتاد على تناول الإفطار دائماً على الشاطيء و كان دائما يصطحب عمر معه و منذ أول يوم عمل له و كانا يتناولان الطعام مع بعض الأسر من السائحين لكن عمر كان يتناول الطعام وحده أحياناً إذا أراد علاء أن يتناول الطعام مع بعض الحسناوات و كان يرفض دائماً طلب علاء الإنضمام له ، و عندما تكون أسرة السيد فوللر موجودة بالقرية كان لابد من تناول الطعام معهم كعادة علاء لذى اصطحب عمر معه و كانوا يتناولون الطعام و يتحدثون حتى الثامنة و نصف ثم يستأذن علاء و عمر للذهاب إلى البزار.

كانت ماري لا تحب علاء أبداً لأنها رغم صغر سنها ذكية جداً و قد فهمت سريعاً علاقة والدتها بعلاء ، و لأن عمر ذكي أيضاً فهم أنها تفهم و فهم لما كل هذا البرود في عينيها تجاه علاء و تجاهه هو أيضاً . كان علاء طوال فترة جلوسه يتحدث بالألمانية التي لم يكن يجيدها عمر بعد و كان معظم كلامه مزاح و كان السيد فوللر محباً حقاً لعلاء لا يعرف شيئاً عن تلك العلاقة بينه و بين زوجته و كان الجميع يشارك في الحوار ماعداي و كذلك ماري التي كان يحاول أحيانا علاء التواصل معها لكنها كانت دائما ما تجيب ببرود شديد تجاهه و كان عندما يضحك الجميع كنت أبتسم مجاملة فأنا لا أفهم شيئاً من الألمانية في حين لا تضحك ماري أو تبتسم، و كان السيد فوللر رجلاً مهذباً لذ كان يتحدث مع عمر أحياناً بالإنجليزية التي كان يجيدها عمر.

بعد شهر من تعرف عمر على هذه الأسرة ، بعد شهر من الصمت و البرود، بعد شهر من الحرج الشديد الذي يشعر به و هو يجلس على هذه الطاولة العجيبة التي تجمع بين الزوج و عشيق زوجته و الإبنة الكارهه لكل ما يمت لعلاء بصلة و بعد أن شعرت بإختلاف عمر عن علاء بدء الحوار..

في هذا اليوم وكالعادة في فترة وجود الأسرة بالقرية توجه عمر مع علاء لهذه الطاولة ليجلس ساعة كالحمار لا يفقه شيئاً مما يقال و لا ينطق بكلمه حتى يأتي موعد الذهاب ، لكن في هذا اليوم حدث ما لم يتوقعه ؛ وجد عمر تلك الفتاة الصغيرة تحدثه بالإنجليزية و لأول مرة ....

ماري : عذراً .. لكني أجد غير مشارك في الحوار

عمر : آسف لذلك .. لكن هذا بسبب عدم قدرتي على تحدث الألمانية

ماري : و لما لا يعلمك صديقك إياها؟! فهو كما أرى طليقاً في الألمانية

عمر : علاء ساعدني كثيراً في تحسين إنجليزيتي لكنه مشغول في أشياء أخرى أهم من ذلك

ماري : أرى ذلك

هكذا انتهى الحوار .. كان قصيراً جداً لكنه كان كافياً لجعل عمر يشعر بالإرتياح فلم يعد الشخص المتطفل الغير مرغوب فيه كما كان بل بدء يشعر ببعض المودة و بعض الأهمية.

مع مرور الوقت توطدت العلاقة بين عمر و ماري و كانا يتحدثان معاً طوال الإفطار ، تحدثا في البداية عن مصر و ألمانيا ثم تحدثا عن محافظته و مقاطعتها ثم عن قريته و مدينتها ، تحدثا عن أسرته و أسرتها ، أصدقائه و أصدقائها ، تحدثا عن كل شيء.

كان الحديث في البداية مقتصر على الصباح لكنها زادت لتصبح أيضا بعد إنتهائه من العمل و الإطمئنان على عائلته ،ثم بدأت تذهب معه إلى المقهى و هكذا أصبحت صداقتهما قوية. حدث هذا سريعاً ، ففي شهرين تقريباً صار لها أقرب الأصدقاء و إعتبرته أخاها الأكبر و كانت هي تذكره بأخته التي في نفس عمرها ، و عندما حان وقت رحيلها إتفقا على أن يتواصلا عبر شبكة الإنترنت . و هكذا تعمقت علاقتهما أكثر فأكثر فصار لا يمر يوماً دون أن يتحدث معها بعد أن ينتهي من حديثه مع أهله .

في العام الثاني له في القرية و في الزيارة الثانية لها للقرية في وجوده قررت أن تعلمه الألمانية و يعلمها العربية و بالفعل تعلم هو الألمانية سريعاً و تعلمت هي الكثير من العربية ، كانت تمر عليه كثيراً في البزار بالإضافة إلى مقابلته صباحاً و مساءً ثم طلبت منه أن يعرفها على أهله من خلال الإنترنت فعرفها عليهم و كذلك طلبت منه أن يصطحبها معه إلى بيت الحاج علي الذي حكى لها عنه كثيراً فوافق على ذلك و إصطحبها معه و رحب بها الحاج على و الحاجة زينب كثيراً و كانت تحدثهما بعربيتها التي تعلمتها حديثاً و التي أعجبتهما كثيراً و طلبا منها أن تزورهما دائماً. و هكذا صار عمر و ماري لا ينفصلان تقريبا لذى في أحد الأيام لمح علاء لعمر عن صداقته لماري بشكل مستفز فرد عليه عمر أنه لا يفكر بهذه الطريقة و أنها لاتزال طفلة صغيرة كأخته و هو يعاملها على هذا الأساس.

كانت ماري تخبر عمر عن كل شيء في حياتها حتى ما لم يتوقع أن تخبره به ، أخبرته عن شكوكها في علاء فأكد لها هذه الشكوك و لم يستطع أن ينكر و كان متوقع لحديثه مع في هذا الموضوع لكن ما لم يتوقعه هو إخبارها له عن أدق تفاصيل حياتها. لم يصدق نفسه عندما أخبرته عن أول موعد غرامي في حياتها و كيف كان و لماذا كان أوليفر و ليس يانز و كذلك لماذا لم تكمل مع أوليفر و فضلت مايكل عليه ، كان هذا عندما وصلت سن السابعة عشر و لقد اخبرته أيضا على أصقائها السابقين "البوي فريندز" لكنها لم تقضي أي موعد غرامي قبل سن السابعة عشر ، أخبرته عن حيرتها بين هذا و ذاك و كيف يحاول هذا إيقاعها في حبه و كيف كان الآخر يريد الإستمتاع بها لليلة فقط ، أخبرته كل شيء كل شيء أخبرته رغم أن عمرها تسعة عشر عاماً إلا أنها صادقت أكثر من عشر شباب "بوي فريندز" لكنها تركنهم جميعاً و كيف أنها لم تشعربالحب تجاه أياً منهم لكنها فقط لا تريد أن تكون بدون "بوي فريند" حتى لا تسخر منها صديقاتها ، أخبرته أيضاً عن ذلك الفارس الذي تحلم به كل يوم ، أخبرته عن عدم انجذابها لأي من الشباب الذين يحاولون الوصول إليها.

لقد أخبرها أيضاً كل شيء أخبرها عن وفاة والده و عن خطوبة أخته ، أخبرها عن تلك الفتاة التي هام بها حباً لكنها لم تشعر به أخبرها عن تلك الأمريكية التي أرادته لكنه رفض لأن ذلك ضد عقيدته و تقاليده أخبرها أيضا عن السيدة الدنماركية التي عرضت عليه الزواج و السفر معها لكنه رفض أيضاً و عن تلك الكندية و تلك الفرنسية، أخبرها عن ابنة عمه التي خطبها لكنه إكتشف أنها تحب غيره فتركها و ساعدها في الزواج من حبيبها ، أخبرها أن علاء تزوج و ترك العمل في القرية السياحية و قام بعمل مشروع صغير في قريته أخبرها أن تطمئن الآن على أبيها و أمها ، أخبرها عن الشاب الجديد الذي يعمل معه بدلاً من علاء و أنه يذكره بنفسه ، أخبرها أن أخته تزوجت ثم أخبرها أنها حامل .

كان يخبرها بكل شيء و تخبره بكل شيء طوال الأربع سنوات اللاتي لم تأت خلالهم إلى مصر لإنشغالها بالدراسة في أمريكا ، كانت تعبر له دائماً عن اشتياقها لمصر و الغردقة و اشتياقها الشديد إليه و كانت تحمله السلام إلى الحاج على و زوجته الحاجة زينب.

منذ كانت في الثامنة عشر لم يرها إلا من خلال لكمبيوتر و الإنترنت و رغم ذلك كان يعرف كل أخبارها و تعرف كل أخباره بل إنه كان يعرف عدد لقائاتها الغرامية و عدد "البوي فريندز" الذين تعرفت عليهم خلال الأربع سنوات و كانت تعرف عدد النساء اللاتي عرضن أنفسهن عليه بإختصار كان كلاهما يعرف كل شيء عن الآخر و لم يخفي أي منهما أي شيء عن الآخر حتى لو بداعي الحياء فكان كلاهما يعتبر الآخر هو نفسه لذى لم يستحي أياً منهما من الآخر.

في هذا اليوم ذهب كعادته إلى أسرة محمد لتناول الغداء معهما و عندما فتحت الحاجة زينب الباب لم تمهله كثيراً و أخبرته أن ماري هنا لم يصدق نفسه في البداية و عندما خطى داخل المنزل سمع صوتها و عربيتها المتكسرة ثم رآها تجلس بجوار الحاج علي تسقيه العصير كعادتها معه ثم نظرت له و نظر لها ، يشعر بقلبه يخفق بشدة و يشعر بالدمع يملأ عيناه و رغم أنها ألمانية إلا إنها شعرت بما شعر ، لم يفهم كيف وصلت بين ذراعيه و لا لكم من الوقت ظلت بداخلهما لكنه أبعدها بإرتباك و إحراج شديدين و هو يرحب بها و بدء يتماسك فلا يصح أن يحدث هذا هو يعتبرها أعز أصدقائه و أخته الصغيرة لكن رغم ذلك هذا لا يصح ، لم تغضب ماري لذلك فهي تفهمه جيداً و تفهمت موقفه و كذلك تفهم الحاج على الأمر ، لكن الحاجة زينب فهمت .. فهمت أن هذا العناق لم يكن من صديق إلى صديقه أو أخت لأخيها بل فهمت أن ماري كانت تقصد شيئاً آخر من هذا العناق كانت تريد أن توصل له ما لم يفهمه بالتلميح و العيون عن طريق العناق لكنه لم يفهم بعد.

كانت والدة عمر توفيت أيضاً لذى لم يكن عمر يذهب إلى مقهى الإنترنت إلا للحديث مع ماري و لقد أخبرته ماري في آخر لقاء بينهم عبر الإنترنت أنها سوف تذهب إلى ألمانيا أولاً لكنها فاجأته بحضورها لمصر أولاً . طلبت ماري من عمر أن يلتقيا بعد أن ينهي عمله لأنها تريده في شيء هام فقال لها أن هذا شيء طبيعي و هذا ما كانا معتادان عليه قبل سفرها فأخبرته أنها لم تنسى لكن الأمر مهم جداً فأخبرها أنه مشتاق حقاً للحديث معها رغم حديثه معه كل يوم عبر الإنترنت.

في المساء تقابلا كما اتفقا تناولا العشاء معاً و تحدثا في كثير من الأشياء الغير جديدة و المعروفة لكليهما و بعد ذلك أعطته بعض الصور التي إلتقطتها قبل مجيئها مباشرة و بعد الصور التي إلتقطتها من الطائرة ، ثم طلبت منه أن يسيرا على الشاطيء كما كانا معتادان فإستجاب لها . ظلت ماري صامتة و كذلك عمر ؛ فقد كان من نوعية الأشخاص الذين لا يستطيعون بدء حديث قط، ظلا صامتان عدة دقائق ثم تكلمت ماري ...

ماري : منذ متى و يعرف كلاً منا الآخر؟

عمر : منذ تقريباً سبع سنوات .. لماذا؟

ماري : عمر .. أنا أعرف كل شيء عنك و أنت تعرف كل شيء عني .. أليس كذلك؟!

عمر : بلى .. ماذا تريدين أن تقولي؟ أنا أفهمك جيداً أخبريني مباشرةً

ماري: حسناً .. أولاً أريد أن أفهمك جيداً

عمر : أحدث أني لم أفهمك من قبل؟

ماري : عمر .. أنا أعرف أنك أحببت من قبل و أنت تعرف أني لم أحب قط

عمر : نعم .. لكن ما دخل هذا في الموضوع ؟

ماري : حسناً .. عمر .. أنا تعرفت على الكثير من الشباب لكني لم أحب أياً منهم قط

عمر: نعم .. و أنا نصحتك أن تجدي من تحبيه حقاً

ماري : حسناً .. أعرف أن ذلك جنون .. أعرف أيضاً أن تقاليدك لا تقبل ذلك لكني سأقولها ..

عمر : لا أفهم شيء

ماري : دعني أكمل .. عمر .. بصراحة .. لقد أحببت شخصاً واحداً

عمر : عظيم .. هل هو واحد ممن حكيتي لي عنهم؟

ماري : عمر .. إنه .. إنه أنت

لم يستوعب عمر ما قالت و جعلته المفاجأة لا يفهم

عمر : ماذا ؟! .. لم أسمعك جيداً

ماري : I love u

Je t’aime

Ti amo

Ich lieb dich

أنا أحبك

عمر (بسذاجة) : كصديق و أخ ؟ ......

ماري : لا بل كحبيب و أتمنى أن تصبح زوجي

عمر : ها تعنين ما تقولين؟

ماري : أعني كل حرف .. أنا أعرف أني فاجأتك لكن من فضلك فكر جيداً ،أعرف أنك كنت تعتبرني كأخت لك لكني لست كذلك .. لن أتحدث إليك ثانيةً إلا حينما تطلب أنت ذلك ، خذ وقتك كاملاً .. أراك حينما تريد .. إعتني بنفسك .. سلام

ظل عمر مندهش لا يفهم ما حدث و لا كيف حدث ، لم يفكر يوماً بها إلا كأخت او صديقة مخلصة يستطيع أن يحكي لها أسراره و تساعده في حل مشاكله و كذلك هي ، هو لا ينكر جمالها و لا تفاهمه الشديد معها و كذلك هي تحبه و فوق كل ذلك هو يشعر الآن بالميل لها ، ربما لأنها أخبرته أنها تحبه أو ربما كان يحبها فعلاً دون أن يدري . لم يعرف ماذا يفعل أو كيف يرد عليها لكنه واثق من شيء واحد أنه لا يستطيع الزواج بها ، هي رغم حبها الشديد لمصر لا تستطيع العيش بها إلا في القرى السياحية و هو لا يقدر على ذلك و أيضا هو شاب صعيدي لا يقبل ان تعوله إمراة ، لربما يقبل ذلك مقابل أن يقوم معها بعمل مشروع كبير يديره هو في هذه الحالة فقط يستطيع أن يقبل و سيعتبر ذلك نظير إدارته للمشروع، لكن هل ستوافق هي على الحياة في مصر ؟ ثم يعود و يسأل نفسه كيف له أن يفكر هكذا ؟! فبغض النظر عن الناحية المادية ماذا عن ملابسها؟ هل سيرضى أن ترتدي زوجته ملابس البحر أمام الجميع؟ بل إنها فعلت ما هو أكثر من ذلك ، ألم تخبره أنها و هي بأمريكا إشتركت في إحدى المسابقات التي تستدعي أن تكون عارية تماماً و كذلك فازت فيها بالمركز الأول و نشرت صورها الغارية على أغلفة المجلات. حتى لو غيرت من طريقة ملابسها كيف له أن ينسى ذلك؟ بل ما هو أعظم من ذلك هو كيف ينسى أنها عاشرت الكثير من الرجال قبله إنه يعرف أسمائهم و لقد رأى صورهم كذلك ، و هو الذي كان يدعي أنه لن يتزوج فتاة خطبت لغيره من قبل . و إن إفترض مثلاً أنه سينسى كل هذا و سيسامحها عليه لتأكده من حبها له و أنها سترتدي كما يريد و ستفعل كل ما يريد منها لكني كيف يتزوجها و هي ملحدة كافرة؟ نعم هي ليست مسيحية أو يهودية حتى بل هي ملحدة مادية لا تؤمن بوجود الله ، كيف يتزوجها إذاً ؟ ألم ينهه الدين عن ذلك ؟ كل هذه مشاكل تمنع زواجه منها رغم تأكده من حبها له و شعوره أنه يحبها لكنه كان يخفي هذا الحب المستحيل حتى عن نفسه ، إنه حقاً يحبها.

كانت ماري هي الأخرى تموت شوقاً و قلقاً ، لا تعرف كيف أخبرته لكنها كانت متأكدة أنها ستخبره في يوم من الأيام ، لقد أحبته منذ أول يوم رأته فيه ، ليس أول يوم بالضبط لكن في هذا العام و هي في الخامسة عشر ظنت في البداية أنها مبهورة بطريقة تفكيره و رومانسيته الشديدة ، بهرها وجود من يقرأ روميو و جولييت في هذا العصر و بهرت أكثر عندما عرفت أنه يقرأها للمرة العشرون ، بهرها أنه يقرأ في الذرة و في الموسيقى يقرأ الطب و الميتافيزيقا يقرأ التاريخ و الأشعار يقرأ في كل شيء ، بهرها أنه مختلف تماماً عن علاء صديقه فلم تره يوماً يسير مع أي من النساء سواها ، بهرها أكثر إعتباره لها طفلة و هي في الخامسة عشر ، بهرتها أفكاره و كذلك أعجبت بشكله و منظره كانت تراه أوسم الرجال و أقواهم كان هو الفارس الذي تحلم به كل ليلة ، كل ذلك بهرها و كانت تظن أنه فقط انبهار و إعجاب لكن بعد أول تجربة غرامية لها تأكدت أنها لا تحب سواه بعدما ابتعدت عنه أيقنت أنه هو حبيبها الوحيد ، أحبته بجنون لكنها عندما كانت تتحدث معه تجده يعتبرها أخته الصغيرة فلا تقوى على البوح بحبها حتى و هي في سن العشرين لم ينظر لها إلا كطفلة صغيرة ، حاولت كثيرا أن تعبر له أنها كبرت و لم تعد تلك الطفلة لكنه لم يفهم تعمدت إخباره عن علاقاتها العاطفية لكي يغار لكنه لم يشعرها يوماً أنه يغار حاولت بكل الطرق لكنها فشلت، لكنها لم تقوى على الصمت أكثر و ما شجعها على البوح هي أنها تعلم أنه لا يحب أي فتاة الآن و لا يفكر في الحب هي تعرفه جيداً تعرفه أكثر من نفسها و هو يعرفها .... يعرفها أكثر من معرفتها لنفسها .

بعد إسبوع قرر عمر أن يقابلها وكما في المرة الأخيرة تناولا العشاء معاً في صمت ثم ذهبا إلى الشاطيء و بعد صمت لم يطل بدء عمر الكلام ...

عمر : ماري .. أولاً أريد أن أقول .. أني ..

ماري : ماذا ؟ قلها يا عمر من فضلك

عمر (في ثبات) : أنا أحبك أيضاً إكتشفت ذلك

ماري (مع صيحة مرح): يوبي .. أنا كنت أعرف أنك ستصل لذلك فأنا أعرفك كما تعرفني .. هيا يجب أن نسافر إلى القاهرة غداً لكي تتزوجني في السفارة ثم ..

عمر(مقاطعاً) : لن نتزوج

ماري (بإندهاش): ماذا؟

عمر (مهدئاً) : إسمعيني من فضلك يا ماري .. أنا أحبك فعلاً لكن هناك كثير من الأختلافات بيننا

ماري : أنا لم أعرف شخصين متفاهمين مثلنا يا عمر ، لكني أعدك أن أغير نفسي لأنفذ كل ما تأمرني به

عمر : لن تفعلي صدقيني .. أنا رجلاً شرقياً لدى عقيدتي و عاداتي و تقاليدي و أنا لا أقبل كثيراً مما إعتدتي عليه

ماري : حسناً .. سأتغير .. أوعدك

عمر : لا يا ماري .. ليست هذه المشكلة الوحيدة ، كيف لي أن أنسى

ماري : تنسى ماذا؟

عمر : أنسى كل الشباب الذين تعرفتي عليهم و ....

ماري (مقاطعة بحزن عميق): فهمت الآن .. أنت محق .. أنا أعرف الكثير عن هذه العادات و التقاليد .. نعم نحن لا نستطيع أن نتزوج .. كنت أظنك تفكر بشكل مختلف .. لكنك مثل أهلك

عمر (بحماس) : نعم أنا مثلهم و حمداً لله على أني مثلهم ، لا أريد النقاش معك في هذا و لكني أريد أن أخبرك حلاً لكل هذا

ماري (بلهفة) : ماذا؟ حقا؟ ما هو ؟

عمر : أنا أحبك يا ماري و لا أستطيع الإبتعاد عنك لذى و جدت هذا الحل أخيراً ، سنبتعد لمدة عام .. لن نبتعد نهائياً لا سنكون على إتصال دائم إسبوعياً خلال الإنترنت و سيحاول كلاً منا أن يقنع الآخر بثقافته و عقيدته .. حسناً؟

ماري (بإبتهاج) : حسناً .. هذا عرض جيد .. رغم أنه سيبعدني عنك لكنه أفضل من لا شيء

عمر : إن غستطاع أحدنا إقناع الآخر بثقافته و عقيدته نتزوج و إن لم نستطع .. سنظل أصدقاء .. أصدقاء فقط

ماري : حسناً .. أنا موافقة

و إفترقا الحبيبان على هذا العهد.

كان الحل الذي توصل له عمر أن الإسلام يجُب ما قبله كما قال رسول الله صلى الله عليه و سلم ، فإذا أسلمت عن إقتناع تام ليس بسبب حبها له في هذه الحالة فقط يستطيع أن ينسى و يصفح عن كل شيء ، فكيف له ان لا يصفح عن من صفح الله عنه ، و بذلك يتزوج من يحب و يحصل على أجر مساعدتها لإعتناق الإسلام ، اما إن فشل فسيتركها للأبد لن يكون صديقاً لها كما أخبرها بل سيحاول أن يمحوها من ذاكرته للأبد و سيطلب من الله أجر المحاولة .

و كذلك ظل عمر يحاول مع ماري و يدعو الله في كل صلاة أن يهديها إلى الإسلام و بدء يدرس أكثر و يقرأ أكثر في الدين لكي يستطيع إقناعها و ظل يحاول معها كثيراً حتى حدثها يوماً و أخبرته انها ذهبت إلى أحد المجمعات الإسلامية في ألمانيا و انها حصلت على نسخة مترجمة من القرآن الكريم للألمانية ، و لاحظ عمر توقف ماري عن محاولة إقناعه بمعتقداتها و مع مرور الأيام فوجيء بإرتدائها الحجاب و هي تحدثه عبر الإنترنت و أخبرته أنها اعتنقت الإسلام و ان اسمها صار مريم فصار أسعد إنسان في الحياة ، لم تطلب منه الزواج بل قالت له انهما سيكملان السنة كما إتفقا لكي تتعلم خلال تلك الفترة كل شيء عن الإسلام و بدء بالفعل عمر يساعدها في تعلم شعائر الإسلام و كان في غاية السعادة عندما أخبرته أنها تصوم رمضان و الشهر الأخير من العام المتفق عليه أخبرته أنها ذاهبه غلى لندن لحضور مؤتمر تنظمه الجمعية الإسلامية بلندن لمعتنقي الإسلام حديثاً من أروبا و أن هذا المؤتمر مدته إسبوعين و أنها بعد الإنتهاء من المؤتمر سوف تأتي إلى القاهرة لكي تلتحق بالأزهر الشريف لتتعلم أكثر عن الإسلام و إتفقا أن يتقابلا في القاهرة ليتزوجا .

خلال المؤتمر الإسلامي بلندن أرادت مريم "ماري" ممارسة هوايتها القديمة في إكتشاف المدن حيث ان هذه هي زيارتها الأولى للندن ، لذى إستقلت افضل وسيلة مواصلات في لندن ألا و هي مترو الأنفاق ، إستقلت مريم المترو و بدأت تتنقل خلال أحياء لندن و في إحدى محطات المترو و عندما إستعدت مريم لركوب المترو قائلة بالعربية دعاء ركوب الدابة " بسم الله .. الحمد لله .. سبحان الذي سخر لنا هذا و ما كنا له مقرنين و إنا إلر ربنا لمنقلبون" و قبل أن تدخل قدمها داخل القطار دوى انفجار شديد صمّ أذنيها ووجدت نفسها تطير في الهواء فحاولت بكل جهدها أن لا تتكشف فمدت يديها على قدر استطاعتها لتمسك بثوبها لكي لا ينكشف عن ساقيها ، ثم وجدت نفسها تهوى و تسقط لترتطم رأسها بقضبان القطار لتسيل دماؤها على القضبان و تبدء تحريك شفتيها الملطختان بالدماء بدون صوت مسموع لأن أسنانها قد قطعت لسانها جراء السقوط فينطق فؤادها بدلاً من لسانها " أشهد أن لا إله إلا الله و أشهد أن محمد رسول الله" " الحمد لله أن هدان للإسلام" ....

ثم تسلم روحها إلى بارئها طالبةً منه العفو و الغفران.

الأحد، 19 أكتوبر 2008

قلت و قالت

قالت..
كم تحبني الآن؟!
قلت..
كنت أحبك..
بعدد النجوم
و الآن بعدد الأقمار..
في الغيوم
كنت أحبك..
بعدد الرمال
و الآن بعدد القطط..
في الأدغال
كنت أحبك..
كحب المطر السحاب
و الآن..
كحب الورِع الشراب
كنت أحبك..
كحب الدجاج الحبوب
و الآن ..
كحب الأعشى الغروب
كنت أحبك..
كحب اليهودي الحياة
و الآن..
كخوف المجاهد الوفاة
كنت أحبك..
كحب أنطونيو كليوباترا الملكة
و الآن..
كحبه لو لم تكن ملكة
كنت أحبك..
كحب المجنون ليلى
و الآن..
كحبه لو كان عاقل .. ليلى
قلت..
هل عرفتي كم أحبك الآن
بعد مرور الزمان
قالت..
بلى..
لكني لازلت أحبك
للعمر القادم..
سأظل أحبك..
لو تركت الأم رضيع
لو أصبح الشيخ وضيع
سأظل أحبك..
لو هرب مجاهد من حرب
لو سَكَرَ الورِع من الشرب
سأظل أحبك..
لو ترك الراهب محراب
لو كلم الناس غراب
سأظل أحبك..
لو هَوَت الشِعرَى على الأرض
لو تشكو الشمس من البرد
سأظل أحبك..
ولآخر لحظة في عمري
فهواك هو أحلى قدري





الجمعة، 10 أكتوبر 2008

ليست كالنساء

نعم أحببت بَعدك
جميلة؟
ليست في مثل جمالك
حنونة؟
ليست في مثل حنانك
أتسألين عن العيون؟
أجمل ما في الكون
لكنها .. ليست أجمل من عيناك
أتسألين عن القوام؟
تريه في الأحلام
لكنه .. ليس في مثل قوامك
أتسألين عن البرائة؟
لها قلب طفل رضيع
لكنها .. ليست مثل برائتك
الذكاء؟
ألازلتي تذكرين ما أحب؟
نعم هي ذكية و زكية
لكنها ليست مثل ذكائك أو زكائك
الصوت؟
لها صوت البلبل
في وقت مساء
و البدر مطل في الأنحاء
لكنه ليس في لحن كلامك
ستسألين و تسألين
لكن علي لا تجيبين
سأسأل أنا الآن
لكن لا .. لا تجيبي
سأجيب أنا عنك
فلازلت أحمل
جزءاً منك
سأسألك عن الحنان
ستجيبي هو ذاته الحنان
سأسألك عن الأحلام
ستجيبي هي ذات الأحلام
سأسألك عن الذكاء
ستترددين
ثم تصمتين
لأني أعرفك
حنون
لا ترضي له الإهانة
و لا ترضي أن..
تجرحين
سأسألك عن فؤاده
ستجيبي مثل فؤادي
سأسألك عن حياته
ستجيبي مثل حياتي
سأسألك عن شِعره
لا .. لا ليس مثله
ليس شِعري كشِعره
ليس كلمي ككلمه
هل قال أنه يهواكِ؟
هل وصف كم هو يعشقك؟
أتري ..؟
ليس شِعره كشِعري
ليس كلمه ككلمي
لم أكتبها يوماً
و لم ينطقها لساني
لأني أومن
أن الهوى كائن
يحيى في الفؤاد
يتغذى على السهر
و يتنفس
عن طريق النظر
و يموت
إذا من الفم .. عبر
أتري .. ؟
أعرف أنه مثلي
أعرف أني هو
و هو أنا
لكن ..
ليس شعري كشعره
ليس كلمي ككلمه
لقد تركتيني
لأجل من يقولها
لأنك مثل النساء
تهوين الثناء
إذا سمعتي أحبك
شعرتي بإنتشاء
لكني لا أقولها
يأبى لساني لفظها
لأن لساني
لا ينطق أغاني
بل عيناي
تحكي عن هواي
أعرفتي الآن
أعرفتي لما أحببت بَعدك؟
لأنها ليست أجمل النساء
ليست أحن النساء
ليست أجمل عيون
ليست أكمل قوام
ليست أحلى الأصوات
ليست أذكى أو أزكى
ليست و ليست
لكنها .. مختلفة
لم تطلب أن أنطقها
فهي تعرف
و لا تريد أن تسمع
بل تفهم
حينما عيناي تلمع
أعرفتي لما أحببتها؟
لأنها ...
ليست كالنساء

الأحد، 5 أكتوبر 2008

مستعبد يعشق الإستعباد

آه منك يا بلد....
بل آه منك يا شعب..

شعب غريب فريد لا تجد شعب مثله ، شعب مستعبد و يعشق الإستعباد ، كلما وجد أحدهم القوة لإستعباد الآخر يفعل دون تردد.

ترى الأب يستعبد أبنائه ، و كذا والدته تستعبد زوجته ،
تري الأخ الأكبر يستعبد أخيه الأصغر ،
ترى الخ يستعبد أخته كبيرة كانت أو صغيرة،
ترى موظف يستعبد المواطن الذي يقع تحت يديه و يريد استخراج ورقة ما ،
تري المدرس يستعبد طلابه بل و لا يقبل منهم الثورة.

فها هو مدرس يصفع أحد طلابه الذي لم يتجاوز العاشرة على مؤخرة رأسه (قفاه) بعد أن يسبه بأفظ السباب ، وعندما لا يشعر الطفل بجرح كرامته بل بمحاولة قتل كرامته يثور و ينتقم لكرامته بالرد على المدرس بالسباب مع بعض اللكمات في بطن المدرس (كرشه) ، حينها و حينها فقط تقوم الدنيا و لا تقعد و يطالب بذبح هذا المتمرد أمام أعين جميع الطلاب حتى لا تنتشر الثورة .
لابد من نقله إلى مدرسة أخرى و كذا لابد من إعتذار رسمي من والده و منه أمام جميع طلاب المدرسة و مرسيها و عامليها ، بل إن الإذاعة المدرسية ستلغى لتحل محلها مراسم الإعتذار التي تتطلب ضرب الأب لإبنه على الملأ .

ما هذا الذي يحدث؟! كل ذلك لينتقم المدرس لكرامته؟ أما لو صان كرامته و لم يهن الطالب منذ البداية ما كانت جرحت كرامته؟!
و هل هو لديه كرامة و هذا الطفل لا يملك شيء منها؟! لماذا يعتقد الناس أن الأطفال بلا كرامة و لا مشاعر و لا أحاسيس؟! أهم دمى أم بشر مثلنا من لحم و دم؟!

لماذا نعيش في غابة القوي يستعبد فيها الضعيف و يستحل كرامته؟!

سأرد اليوم على تساؤل كان يقول " هل نحن شعب أهبل ؟!"
سأقول أننا لسنا شعب أهبل و ياليتنا كنا لكان سبباً أفضل لكننا للأسف شعب مستعبد منذ الأزل محبا لإستعباد من يستطيع إستعباده و لكي نتغير لابد لنا من شيئين : طبيب نفسي بالإضافة إلى ثورة حقيقية من ثوار لا يريدون استعبادنا بل يريدون تحريرنا حقاً .



السبت، 4 أكتوبر 2008

حكاية قلب حزين

عايز أحكيلك عن قلب .... حب و داب لسنين
قلب إفتكرك بيه حسه .... و عنيكي منه فهمين
عاش أيام و ليالي .... بين أشواء و حنين
عاش على نظرة ترميها .... من غير ما تحسي راحة فين
عاش بيصبر روحه بيها .... و يقول بصتله نوبتين
لو يوم ما رمتش النظرة .... يفضل زعلان ليومين
فاكر يعني مخصماه .... تألانه و عنيها أسيين
ولما أتخيرا فهمك .... جرحه أضاعف لأتنين
صدمة من الحقيقة .... و إن عنيكي مش فاهمين
و كمان حبك لغيره .... و إعتبرك من الخاينين
ضاع منه أجمل أمل .... ضاعت أجمل عنين
ضاع منه و إيه العمل .... ضاع منه كل حنين
ده قلبي إللي خدعتيه .... من غير ما تحسي سنين
ده قلبي إللي دبحتيه .... دلوقتي عرفتي دا مين
دي حكاية قلبي يا عمري .... دي حكاية قلب حزين

يا من لا تبالي

يا من تعيش الدنيا غير مبالي ..... إن الحياة لا تستحق تعالي
إن عشت يوماً تنتظر له غداً ..... ما من دليل على بقاؤك تالي
إذا شعرت بالإبتسامة خارجة ..... ما من ضمان على بقاء تسالي
إذا شعرت بأن عمرك يبتدي ..... فأعلم بأن العمر دوماً بالي
وإذا نظرت علو شأنك فأنتظر ..... يوماً تعيش مهانة الإذلال
فأسمع نصيحة قد تفيدك يا أخي ..... وأترك حياة الدنيا غير مبالي
لا تلهي نفسك بالأمور التافهة ..... وأعمل لربك ذو الرحمة المتعالي
و أذكر في نفسك يوم الفصل ..... و الموت .. لا ينفعنك فيهما المال
لا ينفعنك إلا الخير تصنعه ..... ترجو به وجه العزيز الوالي
وأخلص إلى الله تنال محبته ..... وإدفع إليه بصالح الأعمال

فراقي لجسدي

كـــــم أحزننـي فراقي للجسد ..... لكـــن فراقـي لأهلـي فاقــه شجـن
فالأهل أهل للمحبة و الحيـاة ..... من غير أهل كالساعات بلا زمن
كم واجهتني في الحياة مصاعب ..... لكن أهلي ساعدوني في المحن
فالجنة من غير الأنـــاس تعيسـة ..... وكــذا الحياة بدون أهل تمتهن
ماذا بهم إذا رأونـي جتة ..... لا من شهيق أو زفير أو كلام
سيحاولون إفاقتي من موتتي ..... و يحاولـون الظن أني أنام
لكن تبوء محاولات بالفشل ..... يغسّلون و يدفنون في سلام
ثم البكاء علـى الفقيد لساعة ..... لا .. ربـما يبقى البكاء أيـام
هذا هو قدري و قدر الآخرون ..... نحيا و نحيا ثم الموت آت
تحيا حياة العز أو تحيا ذليل ..... تحيا سنيناً أو تعيش لساعات
لا فرق يومئذ بين هذا و ذاك ..... لا فرق يومئذ فجميعنا أموات
لكن لا شيء يبقي المرء حيا ..... في ذكريات الناس إلا الصالحات

الخميس، 2 أكتوبر 2008

كلمات لا حكم لعقلي عليها

لا أنتظر منك أمان
فإن خنت فلك مني عفوان
عفو على خيانتك لي
و عفو على جرحك فؤادي
فهو شيء منك اعتيادي

لا أنتظر منك هواك
فإن قلت كرهت فلن أنساك
سأنسى كلمك لي
لكن لن أنسى العينين
و لو ظلت تقول لعامين