BLOGGER TEMPLATES - TWITTER BACKGROUNDS ?

الجمعة، 3 أبريل 2009

فتى الشجرة



خرجت [b]سهام[/b] من البيت كالعادة في السابعة لكي تصل الى مدرستها في الوقت المحدد .. فهي تذهب سيراً رغم عدم قصر المسافة .. مرت من أمام [b]الشجرة[/b] كالعادة لتجد هذا الفتى منتظرها هناك كالعادة منذ ان كانت في الصف الأول الإبتدائي و حتى الآن .. فهو ينتظرها عند هذه الشجرة كل يوم .. لا يتغيب أبداً .. حتى ظنت أنه لا يمرض .. بل كانت تظن و هي صغيرة أنه يسكن بهذه الشجرة .. لم يحاول يوماً أن يتحدث معها .. كان فقط ينظر لها .. يبتسم .. يسير خلفها .. تصل الى مدرستها و يكمل هو طريقه الى [b]المدرسة[/b] القريبة من مدرستها ... و دائماً ما كانت مدرسته قريبة من مدرستها .. في الإبتدائي و الإعدادي و كذلك في الثانوية العامة .. هذا كل ما تعرفه عنه .

لم تكن سهام فتاة إجتماعية بل كانت فتاة في شدة الإنغلاق .. و كان لتربيتها الأثر الكبير في ذلك .. فقد كان أبيها و أمها يعملان .. و كانا لا يتحدثا اليها الا بصيغة الأمر .. لم يحاولا قط التقرب منها و معرفة ما يدور بذهنها .. بل لم يحاولا تعريفها بما يدور حولها .. و عندما وصلت لهذا السن الحرج .. هذا السن الذي تحتاج فيه من يرشدها و يسعدها لتفهم ما يحدث لها .. لكن لم يكن هناك من يساعدها .. كانت تنظر إلى [b]المرآة[/b] و ترى التغيرات التي تطرأ على جسدها دون أن تفهم .. دون ان تعرف ماذا يجب ان تفعل .. حتى عندما شعرت بقلبها يخفق و يدق بشدة عندما ترى ذلك الفتي .. فتى الشجرة .. لم تكن تفهم .. فهي لا تعرف شيءا عن الحب .. فلقد كانت ممنوعة من مشاهدة التلفاز .. بل ان أبيها باع التلفاز منذ كانت في العاشرة من عمرها .. و كذلك لم تكن تختلط بصديقاتها .. لم تكن تعرف عن الحب شيئاً إلا أنها يجب أن تحب الله و أن تحب أسرتها .. و أن أي حب بين فتى و فتاة هو عيب و عار و فضيحة للأهل .. هذا ما تعرفه عن الحب و لم تحاول أن تعرف أكثر .. لكنها كانت تشعر بشيء غريب كلما مرت بفتى الشجرة .. شيئاً ما يجعلها تنجذب إليه .. شيئاً ما يجعلها تريد محادثته .. لم تعرف قط لما يخفق قلبها بشدة عندما تراه .. لماذا ترتفع درجة حرارتها .. و تتسارع أنفاسها .. و تتعثر خطواتها .. و لم تفهم لما ينتظرها كل يوم .. و ما معنى نظرته و ابتسامته .. ماذا يريد منها؟!

في ذلك اليوم رأته كالعادة .. يستند إلى الشجرة و ينتظرها .. نظر لها .. ابتسم .. ثم اقترب منها .. نعم لقد اقترب منها .. مد يده لها و أعطاها ظرف .. لم تشعر بنفسها و هي تمد يدها لتلتقط الظرف إلا حينما لمست يده .. كانت يده في شدة البرودة رغم انه يتصبب عرقاً .. عندما لمست يده يداه انطلقت مسرعاً فسقط الظرف في الأرض .. انحنت سهام و تناولت الظرف .. لا تفهم شيئاً .. لا تفهم سر هذه القشعريرة التي سارت في كل جسدها حينما لمسته .. لا تدري لما قبلت اساساً منه هذا الظرف .. بل و لما انحنت لتلتقطه من الأرض .. لكنها اعتقدت انه الفضول .. ماذا بداخل هذا الظرف .. ظلت تفكر في ما بالظرف و كلها شوق لتعرف ..

في الراحة بين ال الحصص توارت في مكان بعيداً عن أعين الفتيات و بدأت في فتح الظرف لتجد بداخله خطاب .....

"حبيبتي ....
حقاً لا أدري ماذا أكتب .. فالكلمات لن تعبر عن ما أشعر به .. و كذلك أنا لم أكتب خطاب لفتاة من قبل .. و انتي لست اي فتاة .. انك زهرة بين الفتيات .. نجم عالي يسطع في السماء وحيداً ..

أنتِ لا تعرفيني رغم انك تعرفيني .. حسناً .. انا [b]شهاب[/b] في الصف الثالث الثانوي .. بالمدرسة المجاورة لمدرستك .. أنا من المتفوقين .. و أريد أن أصبح مهندساً في يوم ما .. هذا أنا .. لا أكثر .... ستقولين و ما شأني .. لكني مغرم بك منذ سنون .. منذ ان كنتِ بالصف الأول الإبتدائي .. و منذ ان رأتك عيناي أول مرة .. كنت ألهو بجوار الشجرة قبل المدرسة و رأيتك مع والدتك .. كان أول يوم مدرسة لك على ما يبدو .. منذ ذلك اليوم و أنا أنتظرك عند هذه الشجرة ...و سأظل كذلك للأبد .. حتى لو لم تبادليني نفس مشاعرك

فكري جيداً .. ان كنتِ تبادليني نفس الشعور فقط ابعثي لي برسالة على [b]الهاتف[/b] النقال .. هذا هو رقم هاتفي 0180000000000 .. لا تكتبي بها شيئاً .. فقط إرسليها .. ليس من هاتفك بل من اي هاتف من اي سنترال .. أنا لا أريد أن أتسلى بك .. أنا أحبك حقاً و لذى أخاف عليك أكثر من نفسي .. ليس ما أريده محادثتك .. بل أريد فقط حبك .. معرفتي انك تحبيني تكفيني
المتيم بهواك
شهاب"

إنتهت سهام من القراءة و بدأت تشعر بالتشويش و تضارب الأفكار .. النشوة و الخوف .. السعادة و الحزن .. هي في غاية السعادة .. لكن الحب عيب و عار .. هي سعيدة بهذه الكلمات .. لكن لو علم أهلها لقتلوها .. لا تعرف ما هو الصواب و لا تجد من تبوح له .. لكنها قررت أن تحتفظ بالخطاب و لو كلفها ذلك عمرها .. نعم هي تحبه .. لا يهم أن تموت .. لا يهم أن تقتل .. المهم أن ترى حبيبها .. تنظر له .. و تبتسم .. نعم لقد اعترفت لنفسها بحبها له .. نعم لقد عرفت الآن معنى الحب .. و علمت انها تحبه منذ زمن أيضاً ..خرجت من المدرسة و هي في غاية الفرح .. ثم .. رأت تجمع للعديد من الناس .. عمال من شركة الكهرباء .. عمال رصف الطرق .. [b]بلدوزر[/b] كبير .. لكن لا أحد يعمل .. البلدوزر متوقف و العمال لا يعملون .. و ملتفون حول شيء ما .. كذلك بعض المارة يقفون هناك .. لم تكن شهام فولية بطبعها .. لكنها قررت ان تعرف ماذا حدث .. كان شيء ما هو الذي يسيرها .. يحركها الى هناك .. كان قلبها يخفق بشدة كلما اقتربت .. القشعريرة تسري في أوصالها .. الخوف يتملكها .. لكنها لا تستطيع الابتعاد و لا تعرف لما كل هذا الخوف .. اخترقت كل الصفوف حتى وصلت .. لقد كان شخصاً .. طالب على ما يبدو غارق في بركة من الدماء .. الذباب يحيط به و بوجهه .. لم تستطع الإقتراب أكثر .. شعرت و كأنها صعقت .. ثم خرت مغشياً عليها بالقرب من الجثة ..كانت بين الوعي و اللا وعي .. لقد ارتطمت رأسها بحجر عندما سقطت .. ها هو دمها يسيل على رقبتها .. شعرت بشخص ما يحملها .. يهرول بها .. وجهه مألوف .. تعرف هذا الشخص .. ثم .. غابت كلياً عن الوعي ..

إستيقظت لتجد نفسها فوق سرير أبيض و قطعة من الشاش تحيط برأسها و هناك شخص يقف بإهتمام جوار سريرها .. لقد كان هو .. نعم انه حبيبها .. ما ان فتحت عيناها حتى اقترب منها .. نظرت له و ابتسمت .. قال لها " حمداً لله على سلامتك .. لولا [b]عناية[/b] الله لما كنتِ بيننا الآن .. لا قدر الله .. لقد سقطت على بعد سنتيمترات من آلة حادة كان يستخدمها العمال .. لكن حمداً لله انك بخير " كان يتحدث دون ان ينظر لها .. كان ينظر إلى قدميه طوال الوقت .. و كان يتلجلج في كلماته .. نظرت له و إبتسمت ثانية .. أشارت له ان يجلس بالقرب منها .. ثم نظرت مباشرة في عينيه و قالت " لقد قرأت الخطاب" فأحمر وجهه خجلاً و طأطأ رأسه في الأرض من شدة الخجل و قال لها بصوت يكاد يكون مسموع " حقاً؟.. و ما جوابك؟" ... فمدت يدها لتعانق يداه و قالت .. " أحبك"

0 التعليقات: